لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً (١٤٨) إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ
____________________________________
[١٤٩] وحيث تقدم الكلام حول النفاق وهو شيء ربما اشتبه فيه الناس ، ولذا نراهم يرمي بعضهم بعضا بالنفاق ، بيّن سبحانه أنه لا يجوز أن يجهر الإنسان بالقول السيئ بالنسبة إلى أحد إلا إذا كان الإنسان الجاهر مظلوما فإنه يحق له أن يجهر بظلامته فلا يحق لأحد أن يبدي عورة غيره حتى فيما إذا علم ، فكيف بما لو ظن أو توهم؟ وفي آية أخرى : (اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) (١) (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ) بأن يقول القول السيئ بالنسبة إلى غيره جهرا أمام الناس ، ومعنى «لا يحب» أنه يكره ذلك (إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) فإنه يحق له أن يذكر ظلامته أمام الناس (وَكانَ اللهُ سَمِيعاً) يسمع ما يجهر به الإنسان من القول السيئ في غيره (عَلِيماً) بصدق الصادق وكذب الكاذب فيجازي كلّا حسب جزائه.
[١٥٠] وإذ ذكر تعالى جواز الجهر بالسوء لمن ظلم ، بيّن أن إبداء الخير وإخفاء السوء أحسن ، فإن ذلك من صفات الله سبحانه العفوّ القدير ، الذي يعفو مع قدرته (إِنْ تُبْدُوا) أي تظهروا (خَيْراً) أي عملا حسنا جميلا لمن أحسن (أَوْ تُخْفُوهُ) أي تتركوا إظهار الخير ، أو المعنى : تعزموا عليه أي تنووه. ولعل الثاني أقرب (أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ) فلا تنتقموا ممن أساء إليكم مع قدرتكم على الانتقام ، ففي المقام
__________________
(١) الحجرات : ١٣.