بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٥٥) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً (١٥٦)
____________________________________
يقولون ذلك للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى لا يدعوهم إلى الهدى. ثم جاء سبحانه بجملة معترضة في الكلام ردا لقولهم «قلوبنا غلف» بقوله : (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ) فإن الإنسان إذا رأى الحق فأنكره وتكرر منه العصيان يكون قلبه في معزل عن الحق ، وصار الإنكار كالملكة له فإنه يعرف الحق كلما رآه لكنه ينكره ، لا لأنه لا يرى الحق ـ لأن قلبه في غلاف ـ وعلى هذا يكون معنى بكفرهم : لسبب كفرهم (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) إذ قلّما يرتدع من صار الإنكار ملكة له بسبب غيه وضلاله ، ثم إن نسبة الطبع إلى الله تعالى إما حقيقة لأنه خلق القلب كذلك ، بحيث يصير الأمر المتكرر ملكة له ، وإما مجازا يراد بذلك : تركهم وشأنهم.
[١٥٧] (وَ) بسبب كفرهم بعيسى المسيح عليهالسلام أو المراد : الكفر المطلق ، كرّر تأكيدا أو هو إرهاص لقوله (وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ) يريد بذلك أنهم صاروا كفارا بسبب هذه التهمة لعظمتها (وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ) الصديقة المعصومة أم المسيح عليهاالسلام (بُهْتاناً عَظِيماً) حيث نسبوها إلى الزنا لما ولد عيسى عليهالسلام منها من غير أب.
عن «الكلبي» أن عيسى عليهالسلام مر برهط فقال بعضهم لبعض : جاءكم الساحر ابن الساحرة. فقذفوه بأمه فسمع ذلك عيسى فقال : اللهم أنت ربي ولم آتهم من تلقاء نفسي ، اللهم العن من سبّني وسبّ والدتي فاستجاب الله دعوته فمسخهم خنازير (١).
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٤ ص ٣٤٠.