وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً (١٦٢)
____________________________________
البالية السخيفة. ومن المعلوم أن اليهودي إذا أسلم روضت طبيعته وصقلت بالإسلام ، كالجبان الذي يشجع نفسه حتى تصبح له ملكة الشجاعة ، والفاسق الذي يسلك الصلاح حتى تحصل له ملكة العدالة. وكذلك تذهب تقاليده ودينه المحرّف فلا يكون حافز له على الاجرام والرذيلة ، بالإضافة إلى أن الانحراف ليس من طبيعة الكل مطلقا بل الأغلب ، كما لا يخفى.
(وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) عطف على «الراسخون» أي الذين يقيمون الصلاة من اليهود فإن لكل دين صلاة ، وإنما عطف بالنصب والقاعدة الرفع أي «المقيمون» لأنه نصب على المدح ، وهذا تفنّن في الكلام لإزالة الضجر النفسي الذي يحصل من سبك واحد. وقد كانت إقامة الصلاة الدائمة من أقوى العوامل للإيمان بالرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنها مذكرة مستمرة توجب ملكة طيبة (وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ) فقد كان كل دين يأمر بالزكاة بمعناها الأعم (وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) إيمانا حقيقيا لا صوريا ـ كما كان عند غالب اليهود ـ (أُولئِكَ) المتصفون بهذه الصفات (سَنُؤْتِيهِمْ) في الآخرة (أَجْراً عَظِيماً) في جنات النعيم التي فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون.
ويمكن أن يكون الكلام من قوله : «والمقيمين» استئنافا إلى أن الراسخين في العلم من اليهود والمؤمنين الذين يقيمون الصلاة ـ من المسلمين ـ أولئك نعطيهم الأجر العظيم ، فلا يكون «المقيمين .. إلخ» من صفات اليهود الراسخين في العلم ، وربما يؤيد هذا الوجه نصب