درجاته) ، المولود في عام ١٣٤٧ ه والمتوفّى في شوال عام ١٤٢٢ ه ، فهو (رضوان الله عليه) من أجلى مصاديق قول النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم «إذا مات المؤمن الفقيه ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدّها شيء» (١) وما ذاك إلّا لأنّ العالم في الأمّة كالروح من الجسد ، وما هو إلّا المثل الصالح في زهده وورعه وتقواه والسمات الإسلاميّة الفاضلة والصفات الحميدة ، جليل القدر ، عالي المنزلة ، جمع إلى جانب العلم الغزير الأخلاق الفاضلة ، والسلوك الحسن ، والسيرة العطرة ، وحبّ الناس ، وعلوّ الهمّة ، ومكارم الأخلاق.
وبعد ذلك كلّه فهو حامل هموم المسلمين وهدفيّة الإسلام ، وقرنها بشجاعة وإقدام فائقين يعجز عن بلوغهما الأبطال الأشاوس في مختلف المجالات والأصعدة. لقد تميّز الإمام الشيرازي (قدس سرّه) بفكره المعطاء الغني المختصر بالتجارب ، والمفعم بالنضج والنظرة الواقعية إلى الأمور ، والأصيل المستلهم من الكتاب الكريم والسنّة المطهّرة ، والذي يعالج شتى القضايا الحيوية ومشاكل العصر.
ورغم الحياة الصعبة والقاسية جدا التي كان يعيشها الإمام الراحل (قدس سرّه) طوال حياته الشريفة والظروف التي ألمّت به من كلّ حدب وصوب من البعيد وربّما القريب كان كما قالوا عنه : نادرة التأليف في التأريخ وسلطان المؤلفين (٢) ، حيث عرف بكثرة الإنتاج والعطاء الفكري والعلمي والتربوي ، حيث تنوّعت مؤلّفاته من حيث المادّة العلميّة ، وبلغت ألفا وثلاثمائة كتاب وكتيب وموسوعة ، فشملت الفقه والأصول والفلسفة والكلام والبلاغة والنحو وسائر العلوم الحوزوية من جهة ، والسياسة والاقتصاد والاجتماع والنفس والحقوق والإدارة والقانون والبيئة والأخلاق والتأريخ والطبّ وإدارة
__________________
(١) أصول الكافي : ج ١ ، ص ٣٨ ، ح ٢.
(٢) لقب أطلقه عليه الاتّحاد العامّ للكتّاب العرب بدمشق الشام خلال الحفل التأبيني الذي أقيم في سوريا في الحوزة الزينبيّة (مجلة النبأ العدد ٦٦ ـ ١٤٢٣ ه ص ١٦٨).