الراحل (قدس سرّه) كان قبل وفاته بلحظات مليء بالحيويّة والنشاط رغم مرضه ، ولم يتوان عن أيّ شيء ، وإذا أردنا تشبيهه بالبركان فإن ذلك فيه خطأ ؛ لأنّ البركان ينفجر ثم يبرد ويهدأ ، أمّا بالنسبة للمرحوم الإمام (قدس سرّه) فقد كان لم يهدأ لحظة ، فكان يمسك القلم حتّى إبان لحظات عمره الأخيرة ، ويستفيد من أيّ فرصة تسنح له بالتأليف والكتابة وتشجيع الآخرين على أعمال الخير والاستفادة من فرص الحياة ، وكان حتّى في كتابته يستخدم الدقّة في انتخاب نوع القلم الذي يسهل معه الكتابة اختصارا للوقت (١).
وكان (قدس سرّه) بارعا بعلوم التفسير ، ومطّلعا على ما كتب في هذا المضمار ، وقد نقل عن بعض تلامذته (٢) أنّه كان حاضرا في مجلس مع الإمام الراحل (قدس سرّه) ووجّه إليه أحد الحاضرين سؤالا مفاجئا حول تفسير إحدى آيات كتاب الله العزيز ، فأجابه الإمام الراحل (قدس سرّه) ذاكرا عشرة آراء لعشرة كتب من أشهر التفاسير الموجودة من دون استعداد أو تحضير مسبق ، وقد حدث مثل هذا كثيرا للسيّد (قدس سرّه).
وهذا الكتاب الذي بين يديك هو حصيلة جهد مبارك قام به السيّد المؤلّف (قدس سرّه) ، حيث ساهم به في إغناء التراث الحضاري والمكتبة الإسلاميّة ، ولا يبالغ من يقول فيه : إنّه قليل النظير في خصوصيّاته ومزاياه ، ممّا سيجعله مصدرا كبيرا ، من أهمّ مصادر التفسير في مختلف شؤون المعرفة ، وقد تحدّث السيّد (قدس سرّه) عن كتابه للمرحوم آية الله السيّد أحمد الإمامي (طاب ثراه) قائلا :
عند ما كنت في كربلاء وحينما كنت مشغولا في كتابة تفسيري هذا «تقريب القرآن إلى الأذهان» رأيت في المنام نورا يخرج من بيتنا ، ويسطع في السماء ، وحينما استيقظت أيقنت أنّ هذا النور هو تفسير القرآن الكريم ،
__________________
(١) مترجم عن كتاب قصص وخواطر (باللغة الفارسيّة) : ج ١ ، ص ١٠٨.
(٢) الناقل فضيلة الخطيب الشيخ علي حيدر المؤيد دام عزّه.