كل شيء إلى نفسه.
قال سبحانه : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ) (١).
وقال : (يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ) (٢).
وقال : (أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) (٣).
وقال : (كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) (٤).
وقال : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (٥) على فرض أن يراد به كل عمل الإنسان حتى المعصية باعتبار أن الآلة منه سبحانه ـ وإنما كان يضل من طلب الهداية في غير القرآن ، لأنه لا هداية فيما عداه ، مثل أن يكون الطريق إلى البلد الفلاني خاصا بطريق واحد فيقال : أن من سلك غير هذا الطريق ضل ، فإن وجهه أنه لا طريق غيره.
الرابعة : أن ظرفية البشر في عالم الدنيا ليست أكثر من القرآن ، فإنه وإن احتمل أن يكون الكون ـ بمعناه العام ـ أكبر من المقدار المذكور في القرآن ، إلا أن المقدار الذي يستوعبه الإنسان من الكون ـ استيعابا في فكره وفي عمله ـ ليس أكثر مما أرشد إليه في القرآن ، مثلا إذا كانت صحراء بمقدار مائة فرسخ ، لكن زيدا لا يتمكن من عمران أكثر من عشرين فرسخا منها ، كان مقتضى الحكمة أن يكون المنهاج الذي يضعه مربي زيد بقدر تعمير عشرين فرسخا فقط ، إذ الزائد لغو لا يصدر من الحكيم ، ويؤيد أوسعية الكون عن مقدار ظرفية الإنسان قوله عليهالسلام : «ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر» إلا أن يقال أن هذا لا يدل على أوسعية الكون عن القرآن ، لأن
__________________
(١) الأنفال : ١٨.
(٢) الرعد : ٢٨.
(٣) الواقعة : ٦٥.
(٤) النساء : ٧٩.
(٥) الصافات : ٩٧.