تطبيق الفكر والعمل على القرآن
يجب تطبيق الفكر والعمل على القرآن ، وذلك ببيان مقدمات :
الأولى : إن الله سبحانه خلق الكون الواسع بما فيه الدنيا والآخرة والحياة وغير الحياة على كيفية خاصة من الحقائق والأبعاد والحدود والمزايا والخصوصيات وهذا واضح لا يحتاج إلى الدليل.
الثانية : إنّ القرآن هو الكتاب الوحيد الذي بقي مما أنزله الله سبحانه في أيدي البشر ، أما سائر الكتب المنزلة فقد حرفت وبدلت ، كما قال سبحانه : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) (١) و (فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) (٢) بل قامت الضرورة منا على عدم تمامية الكتب الباقية ، كالتوراة والإنجيل ، بالإضافة إلى فقدان بعض الكتب المنزلة من أساسها بحيث لم يبق منها عين ولا أثر ، بالإضافة إلى أنه لم يعلم أن سائر الكتب المنزلة كانت لأجل الهداية الكاملة المستوعبة للفكر والعمل بصورة مطلقة.
الثالثة : إنّ القرآن نزل بقصد توجيه الفكر وتوجيه العمل ، والمراد بالعمل أعمال الجوارح كلها بما فيها اللسان ، وقد دلت الأحاديث المتواترة على أن الهداية خاصة بالقرآن ـ أن من طلب الهداية في غير القرآن أضله الله ـ أي كان ضالا والنسبة إلى الله سبحانه باعتبار أن الآلة منه سبحانه ، ولذا نسب
__________________
(١) المائدة : ١٤.
(٢) المائدة : ١٥.