أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩٢)
____________________________________
(أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ) أيها المسلمون (الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ) والفرق بينهما أن أصل التعدي من فعل الجوارح ، وأصل البغضاء من فعل الجوانح (فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) أي بالنسبة إليهما ، فإن «في» تستعمل بمعنى «النسبة» كما قالوا في قولهم : «الواجبات الشرعية في الواجبات العقلية» أن «في» بمعنى النسبة ، أي بالنسبة إلى الواجبات العقلية.
في المجمع : أن سعد بن أبي وقاص ورجلا من الأنصار كان مؤاخيا لسعد دعاه إلى طعام فأكلوا وشربوا نبيذا مسكرا فوقع بين الأنصاري وسعد مراء ومفاخرة فأخذ الأنصاري لحى جمل فضرب به سعدا ففزر أنفه. فأنزل الله ذلك فيهما (١).
أقول : إن إيقاع العداوة بواسطة الخمر ظاهر ، إذ السكر الموجب لذهاب العقل يوجب كل شيء ، وإيقاعه بسبب القمار ، من جهة الاختلاف بينهما فيمن له الغلب أولا وبغض المغلوب للغالب ثانيا.
(وَيَصُدَّكُمْ) كل واحد من الخمر والميسر (عَنْ ذِكْرِ اللهِ) إذ الإسكار يوجب عدم الالتفات إلى الله سبحانه ، والقمار بإشغاله الحواس ، منسي له الله تعالى (وَعَنِ الصَّلاةِ) لما هو واضح مما تقدم (فَهَلْ أَنْتُمْ) أيها المسلمون (مُنْتَهُونَ) عنهما ، فتتركونهما لهذه المضار ، وصيغة الاستفهام بمعنى النهي كما هو واضح.
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٣ ص ٤١١.