ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٢٦) يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما
____________________________________
مواضع القبح من بدن الإنسان ، فمثلا من يغتاب غيره يظهر قبح نفسه ، فإذا اتقى سترت هذه التقوى قبحه النفسي (ذلِكَ خَيْرٌ) من جميع أنواع اللباس الظاهرة ، إذ القبائح النفسية أكثر وأبشع من القبائح البدنية ، لأن القبائح الكامنة إذا ظهرت توجب النار والخزي بخلاف قبائح الجسد (ذلِكَ) أي لباس التقوى (مِنْ آياتِ اللهِ) «من» إما للإنشاء ، أي أن لباس التقوى ينشأ من الآيات والحجج التي أنزلها الله سبحانه ، وإما تبعيضية أي أن التقوى من جملة آيات الله وعلاماته ، لأنه هو الذي أمر بالتقوى (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) أي جعل الله التقوى آية لكي يتفكر الإنسان ، ويتذكر فيما أودع في فطرته ، فيسعد.
[٢٨] (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ) أي لا يضلنّكم بأن يدعوكم إلى المعاصي فتجيبوه فيحرمكم من السعادة والجنة (كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ) آدم وحواء (مِنَ الْجَنَّةِ) ونسبة الإخراج إليه لأنه كان بإغوائه ووسوسته ، إخراجا بصورة بشعة حيث كان (يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما) والنزع وإن كان من فعله سبحانه ، إلّا أنه حيث كان بسبب الوسوسة ، صح الانتساب إليه ، كما قال سبحانه عن فرعون : (يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ) (١) ، مع أن الذبح كان من فعل جنود فرعون (لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما) أي عورتيهما. ولعل السر في تكرار هذه اللفظة تركيز البشاعة في نفس السامع ، فمن يرغب في أن تبدو سوءته؟
__________________
(١) القصص : ٥.