إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (٢٧) وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا
____________________________________
وحيث كان هنا محل سؤال : أنه كيف يفتن الشيطان الإنسان ولا يراه؟ قال سبحانه : (إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ) أي نسله ، فإن للشيطان نسلا كما للإنسان ، كما قال سبحانه (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ) (١) ، (مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ) فإنهم من جنس لطيف لا يرى بالعين المجردة ، كالهواء اللطيف الذي لا يرى ، وإن أحس به الإنسان.
ومن قال : إنه كيف يأمر بذلك؟
فالجواب : إن هذه الإلقاءات في القلب بالشر ، كلها منه ، كما أن الإلقاءات الخيرة من الملائكة ـ كما في الأحاديث ـ وإلا فمن أين هذه الإلقاءات؟!
(إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) ومعنى «جعله» سبحانه : التخلية بينهم وبين الشياطين ، ومعنى كونهم أولياء : أنهم يتبعونهم ، ويتخذونهم محل الولي الحميم في التصادق معهم دون المؤمنين.
[٢٩] والذين لا يؤمنون بالإضافة إلى أنهم اتخذوا الشيطان وليا ، إنهم مقلّدون تقليدا أعمى ، كاذبون في أقوالهم ، عالمون بالفحشاء ، فهم مجمع الرذائل حيث تركوا الإيمان (وَإِذا فَعَلُوا) أي فعل الذين لا يؤمنون (فاحِشَةً) أي خصلة فاحشة ، متعدية عن الحق ، فإن «فحش» بمعنى «تعدّى» ، وهذا عام شامل لجميع المعاصي (قالُوا وَجَدْنا
__________________
(١) الكهف : ٥١.