وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤) يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي
____________________________________
اقتراف هذه الجرائم كلها بقوله تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) أي لكل جماعة وأهل عصر ومصر مدة لا يتجاوزونها ، ولهؤلاء مدة ، ثم يلفّهم الموت ، وينسيهم البلى ، وستطهر الأرض منهم (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ) بأن توجه الأجل إليهم (لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً) أي لا يتأخرون مقدارا من الزمن ، فإن «الساعة» في اللغة بمعنى : مقدار الزمان قصر أم طال (وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) أي لا يتقدمون على موعدهم ، فإذا قدّر هلاك أمة في الساعة الرابعة من يوم الجمعة ، فإذا توجه الأجل إليهم في الصباح لا يتأخرون إلى الساعة الخامسة ، ولا يتقدمون إلى الساعة الثالثة. والظاهر أن الفعلين بمعنى «الاستفعال» ، أي لا يطلبون ـ طلبا مفيدا ـ التقديم والتأخير ، وليس «جاء» بمعنى «وقع» حتى يقال : إن التقديم والتأخير لا يعقل بالنسبة إلى الأمر الواقع ، وليس في الكلام مجاز المشارفة ، إذ «جاء» لفظ يقع بالنسبة إلى الواصل ، وبالنسبة إلى من في الطريق.
[٣٦] (يا بَنِي آدَمَ) خطاب لعموم المكلفين (إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ) أي إن أتاكم ، فإن «إما» مركبة من «إن» الشرطية و «ما» الزائدة (رُسُلٌ مِنْكُمْ) لا يقال : لا رسول بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فما معنى ذلك؟ قلت : إن الشرط قد يصاغ لإفادة التحقيق ، فهو إنشاء مفهوم الشرط لغرض آخر ، كما ينشأ مفهوم التعجب والأمر والاستفهام ، لأغراض أخرى ، فالمراد ـ هنا ـ أن الرسل تأتي لتبين للناس ، فمن أطاع سعد ، ومن خالف شقي (يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ) أي يخبرونكم (آياتِي) وأحكامي فإن «قص» بمعنى «اتبع