وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (١٥٢) وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٥٣) وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (١٥٤)
____________________________________
يصبحون أذلاء ، يكثر فيهم القتل والطرد ، ويذكرون بسوء أبدا. وقد مر تفسير قوله تعالى : (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ) (١) ، (وَ) كما جازينا اليهود بهذا الصنيع (كَذلِكَ نَجْزِي) سائر (الْمُفْتَرِينَ) الذين يفترون على الله سبحانه باتخاذ الأصنام شريكا له ، فإنه افتراء على الحقيقة والواقع.
[١٥٤] (وَ) لكن المعصية لا تسبب يأس صاحبها ، فإن من تاب ، تاب الله عليه ف (الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ) أي الشرك والمعاصي (ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها) أي بعد السيئات (وَآمَنُوا) إيمانا صادقا (إِنَّ رَبَّكَ) يا رسول الله (مِنْ بَعْدِها) أي بعد السيئات ، أو بعد التوبة ، ولعل التكرار لإفادة عدم قبول التوبة مع الإصرار على المعصية ، كما أنه لا توبة مع الإصرار (لَغَفُورٌ) يغفر الذنب (رَحِيمٌ) يرحم التائب بفضله ولطفه.
[١٥٥] (وَلَمَّا سَكَتَ) أي : سكن ، وفيه من البلاغة ما لا يخفى (عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ) بأن زالت فورته ، فإن فورة الغضب تكون أول ملاقاة المكروه (أَخَذَ الْأَلْواحَ) التي كان عليهالسلام رماها إظهارا لضجره ، مما فيها التوراة (وَفِي نُسْخَتِها) أي ما نسخ ورقم فيها (هُدىً) يهدي إلى الحق (وَرَحْمَةٌ) موجب ترحّم وتنعّم (لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) أي
__________________
(١) البقرة : ٦٢.