يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ
____________________________________
والحرية الصحيحة والسعادة (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) فما يأمرهم به يكون معروفا يقبله عرف العقلاء ويرتضيه (وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ) فما ينهاهم عنه يكون منكرا عند عرف العقلاء ، فأمره ونهيه حسب الموازين العرفية العقلية ، لا اعتباطا واشتهاء (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ) المستلذات الحسنة ، من مأكل ومشرب ومنكح ومسكن ومركب وغيرها (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) القبائح التي تعافها النفوس المستقيمة ، فتحليله وتحريمه ليسا اعتباطين ، بل لشيء في ذات الحلال والحرام ، بخلاف تحليل سائر الناس وتحريمهم ، فإنهم قد يحرمون الطيب ، كما حرمت الجاهلية السائبة وما إليها ، وقد يحللون الخبيث كما أن اليهودية والنصرانية ومن إليهما يحللون الخمر ولحم الخنزير. ثم لا يخفى أن الأمر والنهي أعم من التحليل والتحريم ، لكن حيث تقابلا ، كان لكل منهما مصداق غير مصداق الآخر.
(وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ) أي ثقلهم ، فإن الإصر هو الحمل الثقيل ومعنى «وضعه» أن مناهجه سهلة سمحة لا ثقل فيها ولا صعوبة (وَ) يضع عنهم (الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) أغلال جمع «غلّ» ، وهو ما يقيد يد الإنسان أو رجله أو غيرهما ، فإن من خواص الإسلام أنه يطلق الحريات المعقولة ، فالسفر والإقامة والتجارة والزراعة والصناعة والبيع والشراء والكلام والكتابة والتجمع وغيرها ، كلها مباحة لا قيود عليها إلا بعض الشرائط الطفيفة التي هي في صالح المجتمع والفرد ، ولا