وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى
____________________________________
على كل شيء (وَ) اذكر يا رسول الله (إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ) أي أخرج من بني آدم (مِنْ ظُهُورِهِمْ) بدل من «من بني آدم» أي أخرج من أصلاب الرجال (ذُرِّيَّتَهُمْ) أولادهم وذراريهم (وَ) بعد ما أخرجهم وأكملهم (أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ) أي جعلهم شهداء على أنفسهم ، فإن من اعترف بشيء كان شهيدا على نفسه ، قائلا لهم : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ)؟ على نحو الاستفهام التقريري ، وقد كان ذلك بلسان الأنبياء ، كما في كثير من الآيات ، مثل : (وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ) (١) ، والمراد : القول لهم على لسان موسى عليهالسلام (قالُوا بَلى) أنت ربنا. وهذا اعتراف بالفطرة ، فإن الفطرة أذعنت بذلك ، كما قال الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : «كل مولود يولد على الفطرة إلا أن أبويه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» ومن قبيل ذلك (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها) (٢) ، و (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (٣) ، و (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٤) ، وأشباه ذلك مما هو كثير في القرآن ، وهو نوع من البلاغة ، كقول الشاعر : «أيا جبلي نعمان بالله خليا» ، وقوله : «أيا شجر الخابور ما لك مورقا» وقوله :
قال الحبيب وكيف لي بجوابكم |
|
وأنا رهين جنادل وتراب |
__________________
(١) الإسراء : ١٠٥.
(٢) الأحزاب : ٧٣.
(٣) فصلت : ١٢.
(٤) النحل : ٤١.