فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ (١٧٥) وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ
____________________________________
للخطر والهلاك (فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ) أي لمّا خرج عن الوقاية تبعه الشيطان ليضلّه عن طريقه (فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ) أي الهالكين.
[١٧٧] (وَلَوْ شِئْنا) أي اقتضت مشيئتنا أن نجبره على البقاء (لَرَفَعْناهُ) أي رفعنا «بلعم» (بِها) أي بتلك الآيات ، فلو أردنا أن يبقى بالجبر لأمكننا ذلك ، حتى ترتفع درجته (وَلكِنَّهُ) أي «بلعم» والضمير يرجع إلى «الذي آتيناه» كذلك الضمير السابق (أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ) فركن إلى الدنيا ومال إليها ، كأنه جعلها موضع خلده وإقامته وأعرض عن الدار الآخرة ، أو «أخلد» بمعنى لصق (وَاتَّبَعَ هَواهُ) عوض أن يتبع الحق ويسير في طريق الرشد (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ) من «الحملة» أي إن تطرده (يَلْهَثْ) يخرج لسانه من فمه يتنفس (أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) بأن تركته فلم تتعرض له ، فإن كل حيوان يلهث في حال الإعياء والإكلال بخلاف الكلب فإنه يلهث في حال الراحة والإعياء.
والمراد أنه ضال على كل حال سواء عارضته أم لم تعارضه ، بخلاف كثير من الناس الذين يضلون لدى المعارضة وحينما يغضبون أو يرون أن مصالحهم مهددة. إن بلعم أخرج لسانه ليدعو على موسى ـ شبيها بلهث الكلب ـ حينما لم يعارضه موسى عليهالسلام ولم يهدد مصالحه ، بل كانت أموره أحسن تحت لواء موسى حيث يجمعهما