تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ (١٠٧)
____________________________________
فهو بهذه الكيفية (تَحْبِسُونَهُما) أي تقفونهما (مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ) أي صلاة العصر وذلك لاجتماع الناس وتكاثرهم في ذلك الوقت ، ولعله ليكون أردع للكذب إذ الاجتماع يسبب الهيبة في قلب المدلي للشهادة (فَيُقْسِمانِ) أي الشاهدان غير المسلمين (بِاللهِ) وهذا دليل على أن الشاهد يجب أن يكون معترفا بالله كأهل الكتاب (إِنِ ارْتَبْتُمْ) أي شككتم في شهادتهما واحتملتم التبديل والتغيير والتزييف في الأمر ، وهذا شرط للقسم ، أي أنهما يقسمان في حال شكّكم ، وإلا فيدليان بالشهادة بدون القسم (لا نَشْتَرِي بِهِ) أي بما ندلي من الشهادة (ثَمَناً) وهذا هو المقسم به ، فلا نغيّر الشهادة ولا نبدّل ولا نزيّف الواقع ، ابتغاء تحصيل ثمن ، أي مال (وَلَوْ كانَ) المشهود له (ذا قُرْبى) أي من أقربائنا ، وخصص بالذكر لأن الناس دائما يميلون إلى أقربائهم فيشهدون بالباطل لنفعهم ، وهذا كالتأكيد ، وإلا فليس هنا مشهودا له. والمعنى : أن لا ندلي شهادة باطلة حتى لأقربائنا (وَلا نَكْتُمُ) أي لا نخفي (شَهادَةَ اللهِ) أي الشهادة التي أمرنا الله بأدائها. والإضافة تعظيمية (إِنَّا إِذاً) لو كتمنا شهادة الله (لَمِنَ الْآثِمِينَ) أي العاصين.
وحاصل الحكم أن الإنسان إذا أراد أن يوصي فعليه أن يشهد على وصيته شاهدين مسلمين عادلين ، فإن كان في سفر وظهرت عليه أمارات الموت ، ولم يكن هناك مسلمون لتحمل الشهادة ، يشهد على وصيته شاهدين كتابيّين ، وتقبل شهادتهما بدون اليمين إن لم يشك