وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٥٣) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ
____________________________________
المحرمات الضارة ، والرخاء ينحرف بعدم التعاون والعداء مما يسبب تفكك المجتمع فلا يزرع بمقدار ما كان التعاون يسببه ، وهكذا ، والأمن ينحرف إذا نوى كل إنسان الشر بأخيه ، والغنى ينحرف إذا كسل الناس عن العمل أو عملوا أعمالا غير مثمرة لا تفيد مالا.
ومن المعلوم أنه لا يلزم أن يكون الناس مؤمنين ثم يكفرون ، بل هنالك مناهج بشرية عامة قرّرها سبحانه إذا سادت المجتمع كانوا في أمن ورفاه ، فإذا غيّروها تغيرت النعمة ، مثلا الظلم والقتل قبيحان ، والتعاون والإحسان حسنان ، أما بالنسبة إلى من بدّل الإيمان كفرا ومناهج الشريعة أهواء ، فذلك أوضح (وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ) يسمع أقوال الناس (عَلِيمٌ) بضمائرهم ، فإذا رأى تغييرا في النيات ، وانحرافا في الكلمات غيّر ما أعطاهم من نعمة وما تفضّل عليهم من أمن وراحة.
[٥٥] (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) أي أن عادة هؤلاء الكفار كعادة آل فرعون (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من سائر الأمم. وإنما كرّر لتأكيد أن الحالة هي الحالة ، فإن كثيرا من الناس لا يصدقون أن ما جرى في الأمم السابقة تجري في هذه الأمة ، ولذا يحتاج الأمر إلى تركيز وتقرير ، وذلك لا يكون إلا بالتكرار والتذكير مرة فمرة (كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) دلائله وحججه (فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) فلم يموتوا ميتة طبيعية ، وإنما أخذوا بالعذاب (وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ) مع فرعون نفسه ، فإنه قد يطلق «الآل» على الأعم من الشخص