وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ (٥٤) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٥٥) الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (٥٦)
____________________________________
للتغليب ، كما تقدم في قوله : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ) (١) ، (وَكُلٌ) من تلك الأمم التي أهلكناهم (كانُوا ظالِمِينَ) وتخصيص الكلام بآل فرعون ، لأن كفرهم وعقوبتهم كانت ظاهرة واضحة لدى السامعين.
[٥٦] (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِ) الدابة : كل ما يدبّ على وجه الأرض ، لكن المنصرف منها الحيوان ، وشرّ الجميع (عِنْدَ اللهِ) في حكمه (الَّذِينَ كَفَرُوا) واستمروا على كفرهم (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) «الفاء» لعطف جملة على جملة. ولا يقال : إن الدواب لا شر فيها ، فكيف يجعل الكافر شرا منها ، لأنه يجاب عنه : بأن من الدواب ما فيها شر كالسامة والمؤذيات. والتي ليس فيها شر ، يعدّ شرا باعتبار أنها لا تهتدي طريقا ، وليس المراد بالشر هذا المعنى فقط.
[٥٧] ثم بيّن سبحانه المصداق الظاهر لذلك بقوله : الكفار (الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ) عهد حسن الجوار بأن تكون في أمن منهم ، وهم في أمن منك (ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ) أي كلّما عاهدوا نقضوا العهد ولم يفوا به (وَهُمْ لا يَتَّقُونَ) الله ولا يخافون عقابه ، أو لا يتقون نقض العهد. والظاهر من الآية أن ذلك كان دأب بعض الكفار.
وفي «المجمع» : عن مجاهد أنه أراد به يهود بني قريظة فإنهم قد
__________________
(١) آل عمران : ٣٤.