فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٥٧) وَإِمَّا تَخافَنَّ
____________________________________
عاهدوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على أن لا يضرّوا به ولا يمالئوا عليه عدوا ، ثم مالئوا عليه الأحزاب يوم الخندق وأعانوهم عليه بالسلاح ، وعاهدوا مرة بعد أخرى فنقضوا (١).
[٥٨] وما هو جزاء هذه الفئة التي هي شرّ من الدواب ولا تلتزم حتى بالعهود؟! (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ) «إن» الشرطية و «ما» زائدة ، و «ثقف» بمعنى : ظفر ، أي إن ظفرت بهم يا رسول الله (فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) «التشريد» هو التفريق ، أي نكّل بهؤلاء تنكيلا وفرّقهم تفريقا حتى يتعثّر بهم من هم ورائهم من الذين عاهدوا معك ، حتى يخافوا فلا ينقضوا العهد. فتكون الآية دالّة على أمرين : الأول : تأديب هؤلاء الناقضين للعهد. الثاني : إلقاء الرعب في قلوب الآخرين لئلّا ينقضوا عهدهم (لَعَلَّهُمْ) أي لعلّ من خلفهم (يَذَّكَّرُونَ) أي يتذكرون أن نقض العهد يوجب مثل هذا التأديب فلا يقدموا على مثله ، فإن نقض العهد من أسوأ الأعمال ، إذ يدل ذلك على أن المعاهدة كانت للضعف ، فكلّما وجد أحد المعاهدين سبيلا إلى نقضه نقضه ، وهذا يوجب سقوط قيمة المعاهدات ، وأن لا يكون المتعاهدون بعضهم في أمن من بعض. أما الخدعة في الحرب فليست قبيحة إذ تلك بعد تأهّب كل فريق.
[٥٩] (وَإِمَّا تَخافَنَ) «إمّا» مركّبة من «إن» الشرطية و «ما» الزائدة ، تأتي
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٤ ص ٤٨٣.