مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ (٥٨)
____________________________________
للتوسع في معنى الشرط ، يعني : ولو كان الاحتمال ضعيفا ، إن لم تدخل نون التأكيد ، وإلّا أفادت التأكيد في الشرط ، بأن يكون الاحتمال قويا (مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً) أي إن خفت يا رسول الله من قوم من هؤلاء المعاهدين خيانة ، بأن يخونوا عهدك ويحاربوك فجأة بعد إبرام الميثاق (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) أي ألق المعاهدة بينك وبينهم ، إلقاء منتهيا إليهم ، بمعنى أعلمهم عن إلقاءك للعهد ، حتى يكون كلا الطرفين على سواء في الأمر ، لا أن يكونوا هم بصدد المباغتة وأنتم في أمن ودعة منهم ، فإن الإنسان إذا علم أن خصمه في عهد يأمن ، أما إذا علم أنه في حرب يستعد ، أما أن يبقى متزلزلا يخاف خيانته ، فإنه في اضطراب وارتباك ، والعهد في نظر العرف ليس مما إذا أبرم دام ، بل معلق بنقضه من الطرفين مع الاعلام (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ) أي فلا تخنهم يا رسول الله بالقتال فجأة بدون إعلام ، بل أعلمهم النقض ثم إذا أردت قتالهم ، فقاتلهم بعد الاعلام.
وعن بعض المفسرين : إن الآية نزلت في بني قينقاع من اليهود ، فإنه كان بين النبي وبين أولئك معاهدة ، وحيث أن اليهود كان من طبعهم الخيانة خاف الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك ، ولذا حلّ العهد الذي بينهم ، لئلّا يباغتوه وهو صلىاللهعليهوآلهوسلم في أمن منهم. ثم صارت بينهم المحاربة (١).
[٦٠] إن الكفار بنقضهم العهد دون الاعلام ، وخيانتهم وغدرهم ـ كما صدر
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٤ ص ٤٨٥ ، عن الواقدي.