ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٧)
____________________________________
المسلمون أن يقتلهم جميعا فتقدموا إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأخذ الفداء منهم رغبة في المال ، وقد كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يعلم أن قتل بعضهم أصلح ، كما كان كذلك شأن الأنبياء قبله ، وذلك لأن رؤوس المؤامرات إذا أطلقوا عاثوا في الأرض فسادا وعادوا إلى المجتمع بأكثر قتلا وفتكا ، لكن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل طلب هؤلاء لأمر أصلح وهو أن لا يختلف أصحابه بما يعود بأكثر ضررا ، فنزلت هذه الآية توبيخا للمسلمين :
(ما كانَ لِنَبِيٍ) أي ليس له ، ولم يكن في عهد الله إليه (أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى) بأن يأخذ الأسير ثم يطلقه منّا ، أو في مقابل الفدية (حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) الإثخان : التغليظ ، أي يحمل الأرض ثقلا بالقتلى ، أو المعنى : حتى يغلب في الأرض ليخاف الكفار سطوته ، فإنهم إن علموا أنهم إن وقعوا أسرى فدّوا وتحرروا ، جرّأهم ذلك على الاستمرار في المؤامرة والمكايدة ، لكنهم إن عرفوا أن وراءهم القتل ، قلت جرأتهم ، وسلمت الدولة من شرهم.
فهل (تُرِيدُونَ) أيها المسلمون (عَرَضَ الدُّنْيا) أي المصالح الدنيوية ، وسمي عرضا لأنه لا يبقى ، والمراد به هنا : المال المأخوذ فدية (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) فإنكم إن صرفتم النظر عن المال لأجل ثواب الله سبحانه ، كان خيرا لكم (وَاللهُ عَزِيزٌ) ذو قوة ومنعة ، فاعملوا بأوامره حتى يقويكم (حَكِيمٌ) يدبر الأمور بحكمته البالغة ، فما يأمر به هو المصلحة دون ما تظنون.