بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ
____________________________________
[١] (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أي هذه براءة ، على أنها خبر مبتدأ محذوف ، أو «براءة» مبتدأ خبره «إلى الذين». ومعنى البراءة : انقطاع العصمة ، يقال : «برأ يبرأ من فلان» إذا قطع ما بينهما من الصلة. والمعنى : أن لا عصمة بين المسلمين وبين الذين عاهدوهم من المشركين ، فقد كان بين الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين المشركين معاهدات ، لكنهم غدروا ، ولذا أجّلهم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أربعة أشهر ، فمن كان له معاهدة أعلمه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه يبقى على المعاهدة إلى أربعة أشهر ، ثم هو صلىاللهعليهوآلهوسلم حرب عليه فليتخذ حذره.
ولم يكن هذا نقضا من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بل نقضا منهم ، ولذا قال سبحانه : (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ) (١). وقد شاء الله سبحانه أن يطهر الجزيرة التي أصبحت عاصمة الإسلام عن رجس الشرك والنفاق لتتوحد فيها الكلمة ويكون للمسلمين دولة مرهوبة الجانب ليفرغوا إلى الروم والفرس.
[٢] (فَسِيحُوا) أيها الكفار (فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) معنى «السيح» السير ، يقال : «ساح» إذا سار على مهل. أي : أنتم في مهلة بأن تسيروا آمنين وتتصرفوا في حوائجكم بكل تأن وطمأنينة إلى أربعة أشهر من ابتداء الإعلان ، وهو من يوم النحر إلى العاشر من ربيع الآخر ، فإذا
__________________
(١) التوبة : ٤.