وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ (٢)
____________________________________
انقضت هذه المدة فليس لكم عهد ولا أمان ، والمحاربة معكم لا تعتبر غدرا ومباغتة (وَاعْلَمُوا) أيها الكفار (أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ) أي لا تتمكنون من أن تعجزوه وتغلبوه ، بل هو القادر على أن يخزيكم بأيدي المسلمين ، فلا تفكروا في محاربة المسلمين (وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ) «الخزي» النكال ، أي أنه سبحانه ينكل بهم وينتصر عليهم.
روى المفسرون أنه لما نزلت سورة براءة دفعها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أبي بكر ليذهب إلى الحج فيقرأها على المشركين ، فلما مضى بعض الطريق جاء جبرئيل عليهالسلام إلى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال له : إن السورة لا يبلغها إلا أنت أو رجل من أهل بيتك ، فأمر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عليا أن يخرج ويأخذها من أبي بكر ، فرجع أبو بكر وذهب علي عليهالسلام وقرأ السورة على الكفار في منى ثلاثة أيام ، يوم العاشر من ذي الحجة ، والحادي عشر ، والثاني عشر منه ، فكان يخرط سيفه ويقول : لا يحج بعد عامنا هذا مشرك ، ولا يدخل البيت إلا مؤمن ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ومن كانت بينه وبين رسول الله مدة فإن أجله إلى أربعة أشهر (١).
ولما أعلم الكفار بذلك ، أظهروا تبرؤهم ، فلم تبق صلة بينهم ، وقد كان هذا العمل خطرا ، حيث أن الكثرة الغالبة من الحجاج كانوا مشركين ، فالاصطدام بهم بهذه الصورة الخشنة كان مظنة الإيقاع بالإمام عليهالسلام لكن الله سبحانه عصمه عن ذلك ، وقد كان نزول سورة براءة في السنة التاسعة من الهجرة ، بعد فتح مكة ، وفي العام القابل حج الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حجة الوداع ، ولما أن رجع عن الحج نصب عليا
__________________
(١) راجع بحار الأنوار : ج ٢١ ص ٢٦٦.