(وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ
____________________________________
[١١٧] تقدم أن الله سبحانه يسأل الأنبياء عن جواب الأمم لهم ، ثم ذكر جملة من معجزات عيسى المقتضية لإيمان الناس به إيمانا عادلا ، لكن النصارى رفعوه فوق مقامه إذ جعلوه إلها ، ولذا يتوجه السؤال إليه عليهالسلام في مشهد القيامة حول هذا الافتراء الذي نسب إليه عليهالسلام حتى تظهر براءته من ذلك ، فيكون المجال فسيحا أمام عقاب من ادّعى ذلك كذبا وبهتانا ، في يوم يجمع الله الرسل فيقول : «ماذا أجبتم»؟ (وَإِذْ قالَ اللهُ) أي «يقول» فإن المستقبل المتحقق وقوعه ينزل منزلة الماضي (يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ) أي : هل أنت ، على نحو الاستفهام التوبيخي لمن ادعى ذلك ، والتقريري بالنفي بالنسبة إلى المسيح عليهالسلام (قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) أي سوى الله ، لا أنهم لا يعتقدون بألوهية الله تعالى (قالَ) عيسى عليهالسلام في جواب ذلك : أسبحك (سُبْحانَكَ) أي أنزهك يا رب تنزيها عن مثل هذا الكلام (ما يَكُونُ لِي) أي ليس يجوز بالنسبة لي (أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍ) فآمر الناس باتخاذي إلها (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ) أي قلت للناس : اتخذوني وأمي إلهين (فَقَدْ عَلِمْتَهُ) لكن لا تعلم ذلك ـ على نحو السالبة بانتفاء الموضوع ـ فلست قائله (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي) أي سريرتي ، فكيف بأقوالي العلانية؟ (وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) وهذا على جهة المقابلة ، وإلا فليس لله سبحانه نفس ، وقوله «ولا أعلم» لبيان