وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١٥) قالَ اللهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ (١١٦)
____________________________________
إنما هي بمناسبة ذكريات انتصاراتهم. ومن المعلوم أن تكريم جماعة بنزول المائدة عليهم من قبل الله سبحانه من أعظم الذكريات التي ينبغي أن يحتفل بها ، ـ أول القوم ـ الذين نزلت عليهم ، و ـ آخر القوم ـ أي من يأتي من بعدهم من أبنائهم.
(وَآيَةً مِنْكَ) أي دليلا وعلامة من قبلك على التوحيد والنبوة وما أشبههما (وَارْزُقْنا) من المائدة (وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) فإنك تتفضل بالنعم كرما وجودا ولا تريد عوضا تنتفع به بخلاف الناس إذا أعطوا شيئا فإنهم يريدون بدلا عنه يصل إليهم.
[١١٦] (قالَ اللهُ) سبحانه في جواب عيسى عليهالسلام : (إِنِّي مُنَزِّلُها) أي أنزّل المائدة (عَلَيْكُمْ) أيها السائلون لها (فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ) أي بعد إنزالها عليكم (فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً) شديدا (لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) أي لا أعذب مثل ذلك العذاب أحدا من العصاة الذين هم في ذلك الزمان ، فإن إطلاق «العالمين» غالبا ، يكون على عالم زمان واحد. والسبب في شدة العذاب أنهم كفروا بعد ما آمنوا وطلبوا المعجزة ، وقبل منهم ولبّى طلبهم.
ورد عن أهل البيت عليهمالسلام : أن المائدة كانت تنزل عليهم فيجتمعون عليها ويأكلون منها ثم ترتفع فقال كبراؤهم ومترفوهم : لا ندع سفلتنا يأكلون منها معنا. فرفع الله المائدة ببغيهم ومسخوا قردة وخنازير (١).
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٤ ص ٢٤٨.