قالَ اتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١١٣) قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ (١١٤) قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا
____________________________________
ولعل ذلك كان قبل سائر الآيات من إبراء الأكمة والأبرص ، ولذا (قالَ) لهم عيسى عليهالسلام : (اتَّقُوا اللهَ) أي خافوه فلا تسألوا سؤال جاهل ذي ريب (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) بالله بما له من صفات الكمال التي منها الاستطاعة على مثل هذا الأمر الهّين.
[١١٤] (قالُوا) أي قال الحواريون : (نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها) أي من المائدة (وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا) إما الاطمئنان بأصل المبدأ وأنك رسوله ، أو الاطمئنان بالرؤية ، كما قال الخليل عليهالسلام : (قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (١) (وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا) بما أخبرت من الشريعة. وهذا محتمل أيضا لإرادة العلم العياني ، ولإرادة أصل العلم لكونهم في شك (وَنَكُونَ عَلَيْها) أي على المائدة (مِنَ الشَّاهِدِينَ) الذين يشهدون لمن لم يحضر بأنه قد نزلت المائدة ورأيناها عيانا.
[١١٥] (قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) داعيا الله سبحانه : (اللهُمَّ رَبَّنا) ـ وكان الإتيان بلفظ الرب ، للمبالغة في الدعاء ـ أنت الذي ربّيتنا ، فتفضل علينا بإتمام التربية (أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ) أي خوانا عليه طعام ، يأتي من طرف العلو (تَكُونُ) المائدة (لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا) أي نتخذ ذلك اليوم الذي تنزل فيه المائدة عيدا ، فإن الأعياد في الأمم ،
__________________
(١) البقرة : ٢٦١.