أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ (١١٢) إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ
____________________________________
نفس عيسى أو يحيى عليهماالسلام أو المراد الإلهام إلى قلوبهم ، بواسطة العقل الذي هو حجة باطنة. والمراد بالحواريين أصحابه الخاصون به ، وسبق وجه تسميتهم بالحواريين (أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي) المسيح عليهالسلام ، فإن الإيمان بالله نعمة على المسيح ، كما أن تصديقه عليهالسلام نعمة عليه ، إذ الأمران موجبان لقربه عليهالسلام إلى الله سبحانه حيث تمكن من هدايتهم ، بالإضافة إلى لزوم ذلك الاحترام الظاهري (قالُوا) أي الحواريون : (آمَنَّا) أي بالله ورسوله (وَاشْهَدْ) يا ربنا ، أو المراد الاستشهاد بعيسى عليهالسلام (بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ) لله فيما يأمر وينهي.
[١١٣] واذكر نعمتي عليك يا عيسى ابن مريم حينما جرى الحوار بينك وبين الحواريين حول إنزال الله المائدة فطلبت من الله فاستجاب لك وأنزل المائدة (إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) ولعلهم ذكروا اللفظ بتأدّب. وإنما نقل سبحانه المعنى ، أو كان مثل هذا الخطاب بأمر عيسى عليهالسلام نفسه ، أو كان لديهم متعارفا (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ) إما المراد : الاستطاعة بحسب القدرة ، وكان ذلك حين عدم كمال إيمانهم ، وإما المراد : الاستطاعة بحسب الإرادة ، أي : هل يريد؟ وكان سؤال استعطاف ، و «المائدة» مشتقة من «ماد يميد» إذا تحرك ، فهي فاعلة ، سمّي بها الخوان ، لأنه يميد ويتحرك من مكان لآخر وقت البسط والجمع ، وقد أرادوا إتيان عيسى بهذه المعجزة ليروها ويلمسوها ويأكلوا منها ، فلا يبقى محل ريب عندهم في صدق الدعوة.