الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (٢)
____________________________________
[٢] ولما كان ختام السورة السابقة أن (لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ابتدأت هذه السورة بمثل ذلك الختام (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) واللام في الحمد للجنس ، أي أن جنس الحمد لله إذ جميع المحامد راجعة إليه ، و «السماوات» غالبا تأتي بصيغة الجمع بخلاف الأرض التي تأتي مفردة إشعارا بأكثرية السماوات على الأرض ، وإلا فالأرضون أيضا سبعة كما قال سبحانه : (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) (١) (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) أي كوّنهما ، و «الظلمة» إن كانت عدم ملكة ، فمكوّن الملكة مكون العدم لأن أعدام الملكات لها حظ من الوجود كما قالوا. وقد أتى بالظلمات جمعا بخلاف النور ، للتناسب مع الجملة السابقة «السماوات والأرض» ولعل سر الإتيان بصيغة الجمع انقسام الظلمات حوالي النور فإن النور يشق طريق الظلمة ، كلما قرب النور كان أرق.
ثم أظهر سبحانه التعجب من الذين يتخذون من دون الله أندادا بينما كان كل شيء لله سبحانه (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بعد كل هذه الآيات والدلائل (بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) أي يسوونه بغيره ويجعلونه عدلا وشريكا ومثيلا لأشياء أخرى مما لا أثر لها ولم تخلق شيئا.
[٣] وحيث أن الجو العام في هذه السورة حول العقيدة مبدءا ومعادا ، والأمور الكونية التي خلقها سبحانه تنتقل بالآيات من عقيدة إلى
__________________
(١) الطلاق : ١٣.