هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (٣) وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ (٤)
____________________________________
عقيدة ، ومن خلق إلى خلق (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ) إما باعتبار أبينا آدم عليهالسلام وإما باعتبار خلق كل فرد من التراب والماء ، فإن الإنسان من النطفة وهي من النبات والحيوان وهما من الأرض والماء (ثُمَّ قَضى) أي قدّر وكتب (أَجَلاً) أي مدة للإنسان عامة ، حتّى تنقضي الدنيا ، أو لكل فرد حيث أن لكل فرد مدة لا يتجاوزها (وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) إما تفصيل ل «أجلا» أي أن الله سبحانه هو مصدر الأجل المسمّى الذي سمي لكل شخص فليس بيد غيره الآجال ، وإما المراد أن البعث الذي هو أجل ومدة لبقاء الإنسان في الدنيا حيا وميتا (عِنْدَهُ) فبيده قيام الساعة (ثُمَّ أَنْتُمْ) أيها البشر (تَمْتَرُونَ) أي تشكّون في الله سبحانه. إنه بيده الخلق والموت والبعث لا بيد غيره ، فكيف تشكون فيه وتتخذون غيره شريكا له؟!
[٤] (وَهُوَ اللهُ) لا إله غيره (فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ) أي أن الخالق والمتصرف في هذا الكون ليس إلا الله ، خلافا لمن كان يجعل للسماء إلها خاصا ، وللأرض إلها غيره. ومعنى «في» الظرفية المجازية ، وإلا فليس لله سبحانه مكان ، إذ المكان يوجب التحديد ، والتحديد يوجب التجزئة ، والتجزئة من صفات المصنوع لا الصانع (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ) الخفي المكتوم ، أعم مما في الصدور ، أو من الأسرار (وَجَهْرَكُمْ) مقابل ذلك بالمعنيين (وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ) أي ما تعملون من الأعمال ، فإن العمل من كسب الإنسان. وفي هذه الآيات ردّ على