مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ
____________________________________
بعضهم يقترن ببعض ، ولذا اختلف في المدة المراد به ، لاختلاف الاعتبار (مَكَّنَّاهُمْ) أي تلك الأمم (فِي الْأَرْضِ) بأن جعلناهم ملوكا وقادة وساسة ذا عدد وعدد وإمكانيات (ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) حيث كانوا هم أكثر تمكنا منكم. والظاهر أن الخطاب خاص بالكفار في زمن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث كان السابقون أكثر تمكنا منهم. لا يقال : إن من المحتمل كون بعض الأمم السالفة أكثر تمكنا من جميع من يأتي إلى يوم القيامة حتى يكون الخطاب عاما؟ لأن الجواب ظاهر ، إذ قوله : «ألم يروا» ينافي ذلك فإن الناس لم يعلموا أخبار هكذا أمة ـ كما تقولون ـ بل ما رواه إنما هو أخبار الأمم التي كانت أقوى من الكفار في زمانه صلىاللهعليهوآلهوسلم (وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً) هو من «درّ إذا هطل» ، و «مدرار» صيغة مبالغة ، أي كثيرة الهطول ، حتّى عمّهم الخير والبركة والثروة. والمراد بالسماء : المطر ، بعلاقة الحال والمحل ، كما قال الشاعر :
إذا نزل السماء بأرض قوم |
|
رعيناه وإن كانوا غضابا |
(وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ) أي مياهها بعلاقة الحال والمحل (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ) أي تحت قصورهم وأشجارهم ، أو باعتبار أن الماء تحت سطح الأرض التي يمشون عليها. وكل ذلك لم يفدهم في بقائهم وحسن ذكرهم (فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) والمراد : هلاكهم بذهاب أثرهم وانقطاع نسلهم وعقبهم ، وفناء حضارتهم ، بسبب عصيانهم وكفرهم مقابل الأنبياء عليهمالسلام والصالحين الذين بقوا إلى يوم الناس هذا ، وإن