لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١١٠) إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ
____________________________________
قلوبهم والمختلجة في صدورهم (لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا) أي ما بنوا عليه حياتهم من النفاق (رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ) سببا للتزلزل والشك في قلوبهم ، فإن الإنسان كيفما بنى حياته وقرّر منهجه ، يكون معتقده وضميره ، فهم مقسّمو القلوب بين المؤمنين والكافرين (لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ)(إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ) تصير قطعة قطعة ، فتزول الريبة بزوال موضعها ، وإلا فما دام هؤلاء على ذلك البناء والمنهج ، فالريبة لازمة لقلوبهم لا تنفك عنها أبدا (وَاللهُ عَلِيمٌ) بنياتهم (حَكِيمٌ) فيما يفعله بهم.
[١١١] ثم يحرّض الله المؤمنين على الجهاد مبيّنا الثواب العظيم لمن جاهد قائلا : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ) فأنفسهم لله سبحانه ، وأموالهم له تعالى ، لا يحق لهم أن يخلّوا بالنفس أو المال بعد هذه المبايعة التي عقدوها مع الله بقبول الإيمان ، وقد كان في مقابل هذا المبيع (بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) فالجنة بدل بذل النفس والمال في سبيل الله تعالى. ولا يخفى أن بيع النفس إنما هو لصرفها في مراضيه لسانا وقدما وقلما وسائر ما يتعلق بالبدن ، فليس الأمر خاصا بالجهاد ، ومن أهمّ الأغراض في هذه المعاملة ما بيّنه بقوله : (يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) ولأجل إعلاء كلمته (فَيَقْتُلُونَ) الكفار تارة (وَيُقْتَلُونَ) يقتلهم