وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ
____________________________________
الكفار تارة أخرى ، وكون الجنة لهؤلاء (وَعْداً عَلَيْهِ) على الله (حَقًّا) و «وعدا» منصوب بالمصدر ، لأن «اشترى» يدل على أنه سبحانه وعد بذلك ، فإن المعاملة تستوجب وعد الطرفين ببذل السلعة ، وبذل المال (فِي التَّوْراةِ) لموسى عليهالسلام كان هذا الوعد (وَالْإِنْجِيلِ) لعيسى عليهالسلام (وَالْقُرْآنِ) فإن وعد الجنة لمن باع نفسه وماله في سبيل الله مذكور في هذه الكتب الثلاثة لهؤلاء الأنبياء العظام.
(وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ) استفهام في معنى الإنكار ، أي لا أحد أكثر وفاء من الله ، فهو إذا وعد لا يخلف البتّة ، أما غيره فإنه وإن كان لا يخلف بإرادته ، لكنه قد يطرأ ما يضطرّه إلى الخلف (فَاسْتَبْشِرُوا) أيها المؤمنون (بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ) الضمير في «به» يرجع إلى «بيعكم» أي : افرحوا بهذه المعاملة ، و «الاستبشار» هو شدة الفرح الذي يظهر أثره في وجه الإنسان ، وأي بيع أحسن من هذا؟ إنه إعطاء المال لمالكه ثم أخذ العوض منه ، ثم إن النفس في سبيل الفناء ، والمال في سبيل الذهاب ، فما أفضل أن يشتري بهما الإنسان شيئا باقيا دائما.
قال الإمام علي عليهالسلام :
وإن كانت الأبدان للموت أنشأت |
|
فقتل امرئ بالسيف في الله أفضل (١) |
__________________
(١) ديوان الإمام علي عليهالسلام : ص ١٠٦.