التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ
____________________________________
أقول : قد وصف سبحانه المؤمنين الذين اشترى أنفسهم وأموالهم مقابل الجنة بهذه الأوصاف فقال : (التَّائِبُونَ) أي الراجعون إلى طاعة الله ، من «تاب» إذا رجع. ولا يخفى أن الرجوع والتوبة لا يلازمان العصيان ، ولذا ورد في القرآن : (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ) (١) ، فإن العصيان أشد أفراد البعد عنه سبحانه ، وإلّا فكل نومة وأكلة وتكلّم مع الناس مما يسبب الغفلة عنه سبحانه تحتاج إلى التوبة والأوبة. فلا يقال : كيف وصف الإمام عليهالسلام ـ وهو معصوم ـ بالتوبة ، بعد ما ذكرتم أن الآية نزلت في شأنه؟ ثم إن «التائبون» رفع بالقطع ، أي هم التائبون ، كما قال ابن مالك :
واقطع أو اتبع إن يكن معينا |
|
بدونها أو بعضها اقطع معلنا |
(الْعابِدُونَ) الذين يعبدون الله وحده ولا يشركون به شيئا (الْحامِدُونَ) الذين يحمدون الله سبحانه (السَّائِحُونَ) الذين يسيحون في الأرض ، أي يسيرون فيها ، للاعتبار ولطلب العلم كما قال سبحانه : (فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) (٢).
وينسب إلى الإمام عليهالسلام :
تغرب عن الأوطان في طلب العلا |
|
وسافر ففي الأسفار خمس فوائد |
وفي بعض التفاسير : أن المراد ب «السائح» الصائم ، لقول
__________________
(١) التوبة : ١١٧.
(٢) الملك : ١٦.