وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (١١٤)
____________________________________
تعظيما ـ والحال أن آزر كان كافرا؟ ورد قوله سبحانه : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ) أي وعد الأب إبراهيم بأن يؤمن (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ) أي لإبراهيم (أَنَّهُ) أي أباه (عَدُوٌّ لِلَّهِ) وأنه لا يؤمن (تَبَرَّأَ مِنْهُ) وترك الاستغفار له. وقد تقدم الحديث عن الإمام الصادق عليهالسلام بذلك.
وروي : أن إبراهيم قال لأبيه : إن لم تعبد الأصنام استغفرت لك ، فلما لم يدع الأصنام تبرأ منه (١). ومن المعلوم أنه لا منافاة بين الأمرين. وعلى أي حال فعمل إبراهيم لا ينافي عموم «ما كان للنبي والذين آمنوا».
(إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ) أي دعّاء ، كثير الدعاء والبكاء ، وأصل «الأواه» مبالغة ـ على وزن ضرّاب ـ من «التأوّه» بمعنى : التوجّع والتحزّن (حَلِيمٌ) يحلم عن الناس حتى عن الكفار ، لعلّه يدخلهم في حظيرة الإيمان بحلمه. وأما مناسبة «أواه» للمقام فظاهرة ، إذ مقتضى كثرة الدعاء أن يدعو حتى للكافر الذي يحتمل أن يؤمن.
ومن المفسرين من أقحم في الآية ما اختلقته الأهواء الأموية من كفر أبي طالب ، ولقد كان أبو طالب عليهالسلام من أشد المؤمنين بالله ورسوله حتى أنه قال عليهالسلام :
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١١ ص ٧٧.