لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ
____________________________________
غسلك وتجهيزك ودفنك» (١).
(لَقَدْ تابَ اللهُ) أي تحنّن ولطف ، فإن «تاب» لغة بمعنى : غفر ، وبمعنى : رجع بفضله (عَلَى النَّبِيِ) وما ورد في بعض الأحاديث «بالنبي» إنما أريد به نفي كون معنى التوبة بالنسبة إلى النبي صادرة عن عصيان (وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) فهم بين من يستحق المغفرة لمعصية صدرت عنه ، وبين من يستحقها تفضّلا (الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) أي اتبعوا النبي (فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ) أي وقت صعوبة الأمر ، وذلك في غزوة تبوك ، فقد كانوا في صعوبة من جهة المركب ، ومن جهة الماء والزاد ، ومن جهة الحر ، ومن جهة التعب للسفر الطويل ، ومن جهة الخوف من الأعداء ، فقد كان العشرة منهم يتراوحون على بعير وزادهم الشعير المسوس ، والتمر المدود ، والإهالة السنخة «وهو ما أذيب من الشحم المتغير الريح» ، وكانوا يمصون تمرة واحدة ، وهم جماعة كثيرة ، يخرجها هذا من فيه فيمصها الآخر وهكذا حتى لا يبقى إلا النواة (مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ) يميل وينحرف (قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ) عن الجهاد ، فأرادوا البقاء في المدينة أو بقوا ثم لحقوا بالرسول كأبي خيثمة.
(ثُمَّ تابَ) الله (عَلَيْهِمْ) من بعد ذلك الزيغ والانحراف (إِنَّهُ)
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٢٢ ص ٤٢٩.