بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (١١٧) وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ
____________________________________
تعالى (بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) فلا يؤاخذهم بما كسبت قلوبهم ، وبما عملوه من الكسل والمطل.
[١١٨] (وَ) لقد تاب الله (عَلَى الثَّلاثَةِ) أشخاص (الَّذِينَ خُلِّفُوا) عن غزوة تبوك ، كأن الشيطان خلّفهم وهم من تقدم ذكرهم مفصّلا في قوله سبحانه : (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ)(حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) «ما» مصدرية ، أي : مع رحبها ـ بالضم ـ وسعتها ، ضاقت عليهم لأن الناس قاطعوهم بأمر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والإنسان إذا قاطعه الأصدقاء تضيق نفسه ، حتى يظن أن الأرض ضيقة لا مجال له فيها (وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ) كأنهم لم يجدوا لأنفسهم موضعا يخفونها فيه ، وهذا كناية عن شدة غمّهم. ولعل وجه (ضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ) أن الإنسان إذا غمّ غمّا شديدا تسخن شرايينه وأعضاؤه ، فلا يكفي النّفس المجذوب لتبريدها ، فيحسّ بأن نفسه قد ضاقت ، لأنها لم يصل إليها الهواء الكافي.
(وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ) أنه لا موضع للفرار من سخط الله سبحانه إلا إليه نفسه تعالى ، فإنه سبحانه قد أحاط بأقطار الأرض وآفاق السماء فكيف يمكن الفرار منه إلا أن يتوجه الإنسان إليه بالتوبة والاستغفار ، ولعل الإتيان بلفظة «الظن» هنا لإفادة الحالة النفسية للإنسان المجرم حيث أنه لا يفكر في الملاجئ الممكنة ، فهو يتردّد بين هذا أو ذاك ، وإن ترجّح في نفسه الملجأ الحقيقي وهو الله تعالى.