لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٢٨) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ
____________________________________
[١٢٨] وفي ختام السورة تأتي آيتان لبيان وظيفة المؤمنين تجاه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي يحنو عليهم ، فاللازم أن ينصروه ويؤازروه ، ولبيان ما يفعله الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لو تولّى الناس عنه وأعرضوا ، وكأنها خاتمة لما تقدم من أحوال من آمن وآزر ، ومن نافق وتخلف (لَقَدْ جاءَكُمْ) أيها البشر ، أو أيها المؤمنون (رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) أي من جنس نفوسكم ، وهو محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم. وهذا تحريض لاتباعه والأخذ بأمره حيث أنه من أنفسهم (عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ) أي صعب عليه عنتكم وما يلحق بكم من الضرر والأذى (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ) أي على حفظكم وتقدمكم وسعادتكم ، فلستم بهيّنين عليه حتى لا يهمّه أمركم ، ويلقي بكم في المهالك اعتباطا ، فإذا أمركم بأمر فإن فيه سعادتكم وخيركم ، لأنه جاء من المشفق الحريص على شؤونكم (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ) الرأفة شدة الرحمة (رَحِيمٌ) للتأكيد وتفهيم من لا يفهم معنى الرؤوف ، فهو وصف توضيحي من قبيل «سعدانة تنبت».
[١٢٩] (فَإِنْ تَوَلَّوْا) وأعرضوا عنك يا رسول الله ، وعن رسالتك (فَقُلْ) يا رسول الله : (حَسْبِيَ اللهُ) أي كافيّ ، فإنه قادر على أن ينصرني (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) لا شريك له أرجوه أو أخافه ، بل هو وحده بيده كل شيء ، فهو قادر على نصري وإعزازي (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) اتكلت في أموري كلها