فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (١٢٧)
____________________________________
المسلمين ، وأخرى بكشف الرسول نواياهم ، وثالثة بالأمراض وما أشبه ، مما ينبغي أن يرجع المنافق عن غيّه إذا أصابه ذلك (فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) فالفتنة كثيرة الوقوع في حياتهم (ثُمَّ لا يَتُوبُونَ) عن نفاقهم وكفرهم (وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) نعم الله سبحانه ، وأدلته وحججه ، إن قلوبهم قد تحجّرت فلا تفيدها السورة ولا الفتنة ، فما ذا يصنع بها؟
[١٢٧] ولما فرغ من بيان أقوالهم ونواياهم ، بيّن عملهم النفاقي تجاه نزول السورة (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) «ما» زائدة كما تقدم ، وهم حضور عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (نَظَرَ بَعْضُهُمْ) أي بعض هؤلاء المنافقين (إِلى بَعْضٍ) ليغمز إليه ويشير إليه بأن لا يؤمن ولا يتزحزح عن نفاقه. فيقول بعضهم لبعض بالقول أو الغمز والإشارة : (هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ) من المؤمنين المخلصين؟ والظاهر أن المراد رؤية الالتفات إلى نواياهم وإشاراتهم ، لا رؤية العين ، فإنهم كانوا يريدون عدم التفات المسلمين إلى أحوالهم لئلّا يعرفوا سبب قيامهم عن المجلس وانصرافهم (ثُمَّ انْصَرَفُوا) عن المجلس إذا لم يرهم أحد ، أو حين انفضّ المجلس (صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) دعاء عليهم بأن يصرف الله قلوبهم عن فهم الحق وإدراكه ، فإنهم لما نافقوا لم يستحقوا الألطاف الإلهية الخفية بسبب أنهم (قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) الحق ، فقد طبع على قلوبهم بالكفر والعصيان والنفاق.