الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١) أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (٢)
____________________________________
[٢] (الر) رموز بين الله والخلق ، أو أن من جنس «أ ، ل ، ر» (كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ) فكل آية من آياته محكمة متينة ليست رخوة لا تلائم الواقع والحياة ، وتكون غير صالحة لكل زمان أو مكان ، بل إنها كالأحجار الكريمة المستحكمة التي لا يدخلها نقص ورخاوة وتفكك ، (ثُمَّ فُصِّلَتْ) كل آية قد وضعت موضعها المناسب لها ، كما يفصل الكتاب إلى أبواب وفصول ، فليس نظمها مهلهلا غير منظم ، كالبناء المحكم ذي الأحجار والأدوات القديمة والذي ينظم ويفصّل تفصيلا منسجما صحيحا دقيقا ، فالآية محكمة بذاتها ، منظمة في مكانها.
وهو (مِنْ لَدُنْ) أي من عند إله (حَكِيمٍ) في أفعاله يضع الأشياء في مواضعها ، فلا يفعل شيئا اعتباطا وعبثا وإنما بالحكمة والصلاح (خَبِيرٍ) عليم بالأشياء ، فإن الحكمة غير العلم ، إذ ربما حكيم غير عالم ، كما أنه ربما عالم غير حكيم.
[٣] (أَلَّا تَعْبُدُوا) تقديره «لأن لا تعبدوا» ، فهو متعلق ب «أحكمت» أي أنزل الكتاب المحكم المفصل لعلّة أن لا تعبدوا ، فهو منصوب محلا ، كما تقول : «كتبت إليك أن تتعلم» (إِلَّا اللهَ) فهو وحده المستحق للعبادة والطاعة لا إله سواه (إِنَّنِي لَكُمْ) أيها الناس (مِنْهُ) من طرفه سبحانه (نَذِيرٌ) أنذر العاصين بالعقاب (وَبَشِيرٌ) أبشر المطيعين بالثواب. وكان ذكر الإنذار قبل التبشير ، للزوم تطهير النفس عن الكفر والمعاصي أولا ثم تحليتها بالفضائل ، قالوا : ولذا قدم النفي على الإثبات في «لا إله إلّا الله».