وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (٣)
____________________________________
[٤] (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) اطلبوا غفرانه فيما سلف من ذنوبكم (ثُمَّ تُوبُوا) ارجعوا (إِلَيْهِ) في أموركم ، فإن الاستغفار والتوبة أمران ، فإن الأول تطهير ، يمكن أن يرجع الإنسان ـ بعده ـ إلى الله ويمكن أن يرتكس في الذنوب ، وإن كان الغالب استعمال كل واحد منهما ويراد به الاثنان. والحاصل أن الإنسان يحتاج إلى تطهير ما سبق ، وطهارة المستقبل ، فالاستغفار وضع للأول ، والتوبة للثاني ، وإن استلزم كل واحد الآخر (يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً) فإنه إن استغفرتم وتبتم تفضّل عليكم بالمتاع الحسن من رزق وأثاث ورياش ، وحسنه بجماله الذاتي وأن لا يكدّره قلق ومرض وما أشبههما (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) وقت مسمى عنده ، وهو منتهى عمركم (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) فمن أوتي بالفضل عن الاستغفار والتوبة آتاه الله سبحانه فضلا وزيادة على المتاع الحسن ، فالمطيع له المتاع الحسن والمطيع الذي يزيد في طاعته على أصل الواجب بالمندوبات ونحوها يعطى أزيد على قدر فضله (وَإِنْ تَوَلَّوْا) أي تعرضوا وأصله «تتولوا» بحذف إحدى التاءين ـ على القاعدة ـ و «التولي» بعدم الإيمان أو عدم الاستغفار والتوبة (فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) هو يوم القيامة ، الذي تعظم الأهوال فيه وتكبر ، فإن كان التولي بالمعصية كان الخوف بمعناه ، فإن العاصي يخاف عليه ، لا إنه يقطع بعذابه ، لاحتمال خلاصه بالعفو والشفاعة ، وإن كان التولي بالكفر كان لفظة «الخوف» من التواضع في الكلام لمن لا يعتقد.