إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٣) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً
____________________________________
[٢٤] هكذا كان حال الكافر المتصف بتلك الصفات السيئة ، أما المؤمنون فحالهم أحسن حال (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) بالله وبما يلزم الإيمان به (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أي الأعمال الصالحة. والمراد هنا أعم من فعل الواجبات وترك المحرمات ، فإن من لم يترك الحرام لا يقال له أنه يعمل الصالحات وإن أتى بكل واجب. كما أنها تشمل عامل المستحبات وتارك المكروهات (وَأَخْبَتُوا) أي أنابوا وتضرّعوا إليه ، فإن الإخبات بمعنى الطمأنينة ، أي اطمأنوا (إِلى رَبِّهِمْ) وخشوا وخضعوا له ، فإن المؤمن خاضع لله ، مطمئن إلى أحكامه وتقديراته ، هادئ النفس لما يترقّبه من نصرته وعونه (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ) المالكون الملازمون لها (هُمْ فِيها خالِدُونَ) باقون أبدا دائما.
[٢٥] ثم مثّل سبحانه الكافر والمؤمن بمثل محسوس فقال : (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ) فريق الكافرين وفريق المؤمنين ، أما الكافرون فهم (كَالْأَعْمى) بصرا (وَالْأَصَمِ) أذنا ، وأي عمى أعظم من عدم إبصار آيات الله وبراهينه وحججه ، وأي صمم أعظم من عدم استماع أوامره ونواهيه وإرشاداته (وَ) أما المؤمنون فهم ك (الْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ) فكما أنه يرى ويسمع ، كذلك المؤمن قد تفتّحت بصيرته فيرى الآيات الكونية ، وانفتح سمع قلبه فيسترشد بالموعظة ويسمع الحق سماع تفهّم وعمل (هَلْ يَسْتَوِيانِ) هؤلاء وهؤلاء (مَثَلاً) أي من حيث المثل ، استفهام إنكاري ، أي لا يستوي السميع البصير ، والأعمى