قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣٢) قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللهُ إِنْ شاءَ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (٣٣) وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ
____________________________________
[٣٣] ولما حاجّهم نوح عليهالسلام بتلك الاحتجاجات الصريحة المعقولة ، لم يجد القوم إلا الفرار عن المحاجة ، ف (قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا) حاججتنا وخاصمتنا (فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا) وبحثك معنا حول المبدأ والمعاد وما إليهما (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) من العذاب. فقد هددهم نوح بعذاب الله إن بقوا في كفرهم وغيّهم (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) في دعواك النبوة ، وأنّا إن لم نؤمن عذبنا الله بذنوبنا.
[٣٤] (قالَ) نوح في جواب استعجالهم العذاب : (إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ) بالعذاب (اللهُ إِنْ شاءَ) تعذيبكم ، وليس من عندي حتى أعجّله أو أؤجله (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) أي إن أراد عذابكم فلا تتمكنون من تعجيزه حتى لا يتمكن من العذاب ، ولا تتمكنون من صدّ العذاب أو الهرب عن مشيئته سبحانه.
[٣٥] ثم قال نوح عليهالسلام : (وَلا يَنْفَعُكُمْ) يا قوم (نُصْحِي) وإرشادي (إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ) وإنما قيّد النصح بالإرادة ، وقد صدر منه فعلا ، تواضعا في الكلام ، وكأنه لم ينصح من قبل ، لا أنه نصح ولم يفد ، أو لأنهم لم يعتبروا كلامه نصحا ، فهو يقول : إن صدر مني نصح في المستقبل لا ينفعكم (إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) وإرادة الله إغوائهم ، يعني تركهم وشأنهم ، حيث أنهم لمّا أعرضوا عن الحق