هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٣٤) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (٣٥)
____________________________________
تركهم سبحانه وشأنهم ، فلم يلطف بهم الألطاف الخاصة ليستعدوا للاهتداء ، كما تقول : «إن كان الملك يريد إفساد الشعب لا ينفع وعظ الخطباء» تريد تركهم على حالهم حتى يفسدوا بطبعهم ، ويعملوا الجرائم لعدم رادع لهم.
و (هُوَ) تعالى (رَبُّكُمْ) فهو يعلم دخائل نفوسكم ، وأنكم غير صالحين للطفه الخفي (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) يوم القيامة فيجازيكم بسيئاتكم.
[٣٦] (أَمْ يَقُولُونَ) أي : بل يقولون ، والظاهر من السياق أنه من تتمة المطلب المربوط بحوار نوح مع قومه (افْتَراهُ) على الله في دعواه الرسالة (قُلْ) يا نوح لهم : (إِنِ افْتَرَيْتُهُ) أي كذبت على الله فيما نقلته عنه (فَعَلَيَّ إِجْرامِي) وعقوبته لي ، لا لكم ، فأنتم بريئون من جرمي وافترائي (وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ) لا أو آخذ بجريمتكم وكفركم.
وهناك احتمال آخر وهو أن يكون ذلك من الالتفات من قصة نوح إلى قصة النبي مع المشركين ، فإنهم كانوا يتّهمون الرسول بما اتّهم قوم نوح نوحا عليهالسلام من الافتراء ـ وحيث كان ذلك من أغراض القصة ، جيء به هنا تنبيها ، يرجع إلى تتمة قصة نوح وقومه ـ فالمعنى : إن هؤلاء المشركين يقولون لك يا رسول الله أنك افتريت على الله سبحانه بنسبة القرآن إليه. والبقية بهذا السياق جاعلا الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مكان نوح عليهالسلام.