ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ (٥٥) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦)
____________________________________
لضرّي وإيذائي (ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ) أي لا تمهلونني ، بل فاجئوني بالهجوم لقصد إيذائي ، فإني لا أبالي بكم ولا أكترث بكيدكم ، بعد ما كنت مستظهرا بالله سبحانه ، واثقا من نصره ، إنكم جميعا لا تقدرون على إيذائي ، فكيف يقدر بعض آلهتكم أن يمسني بسوء؟
قال بعض المفسرين : إن هذا من أعظم آيات الأنبياء عليهمالسلام أن يكون الرسول وحده ، وأمته متعاونة عليه ، فيقول لهم : كيدوني ، فلا يستطيع واحد منهم صدّه ، وكذلك قال نوح عليهالسلام : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ...) (١) ـ كما تقدم ـ وقال نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم : (فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ) (٢). ومثل هذا القول لا يصدر إلا عمن هو واثق بنصر الله وبأنه يحفظه عنهم ويعصمه منهم.
[٥٧] (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ) إني وثقت به وفوضت أمري إليه فهو المدافع المحامي عني (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ) سبحانه (آخِذٌ بِناصِيَتِها) أي ما من حيوان يدب على الأرض إلا هو مالك له يصرفه كيف يشاء ، و «الناصية» هو مقدم الرأس ، فكما أن الآخذ بشعر مقدم الرأس لأحد ، يتصرف في ذلك الإنسان بالقهر والغلبة ، كذلك المالك للدواب ، وهذا كناية عن قهره سبحانه لكل دابة وقدرته عليها كلها (إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) فإنه مع قدرته فهو عادل فيما يعامل به البشر ، وسنته وأحكامه عادلة مستقيمة. وهذا تشبيه للمعقول
__________________
(١) يونس : ٧٢.
(٢) المرسلات : ٤٠.