قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (٥٣) إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً
____________________________________
[٥٤] (قالُوا) في جواب دعوته لهم : (يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ) بحجة واضحة تدل على صدقك. فإنهم لم يكونوا يعتبرون الأدلة الواضحة حجّة ، كما هو شأن كل معاند (وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ) لسنا نترك عبادة الأصنام لأجل قولك بأن الله واحد. وإنما جيء ب «عن» لأنه يدل على التجاوز ، نحو : «رميت السهم عن القوس» ، أي فليس تركنا ناشئا عن قولك (وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) بمصدّقين مقالك.
[٥٥] (إِنْ نَقُولُ) ما نقول فيك وفي هذه المقالات التي تقولها (إِلَّا اعْتَراكَ) أي أصابك (بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ) فإنك حيث كنت تسب آلهتنا ، أصابوك بالجنون فجننت وخبل عقلك ـ كذا قال المفسرون ـ فلما رأى هود عليهالسلام أنه لا ينفع فيهم الكلام ولا يتفكرون (قالَ) لهم : (إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا) عليّ فإني أجعلكم شهودا على (أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) مع الله من الآلهة الباطلة ، ولا أعترف لهم بالألوهية.
[٥٦] فإن آلهتكم المزعومة التي تعبدونها (مِنْ دُونِهِ) من دون الله ، ليست في نظري بآلهة حتى أعبدها ، وإنما هو إله واحد لا شريك له. ثم كيف تزعمون أن آلهتكم مستني بسوء لسبي إياها ، فإني أتحدّاكم أن تجتمعوا أنتم والآلهة التي تعبدونها (فَكِيدُونِي جَمِيعاً) فاحتالوا واجتهدوا