وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٩٤) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٩٦)
____________________________________
واحتمل بعض أن يكون قوله : «برحمة منّا» لأجل أن نجاتهم كانت بسبب هداية الله لهم وألطافه الخفية الموجبة لخروجهم عن حظيرة الكفار.
(وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) فقد صاح بهم جبرائيل عليهالسلام صيحة شديدة زهقت روح كل واحد منهم في مكانه (فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ) من «جثم» في المكان إذا أقام فيه ، أي ماتوا وهم في ديارهم ، ولم يتمكنوا من الحراك أصلا.
[٩٦] (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها) من «غنى في المكان» إذا أقام فيه ، أي كأنهم لم يكونوا بتلك الديار ، فقد ذهبت آثارهم ، وعفت رسومهم (أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ) فلينتبه السامع إلى طرد قبيلة مدين من رحمة الله ولطفه (كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ) ولعلّ ذكر ثمود هنا لأن كلتا الأمتين ماتتا بالصيحة. وربما احتمل أن المراد ب «الصيحة» نوع من العذاب ، تقول العرب : «صاح الزمان بهم» إذا أهلكوا.
[٩٧] ثم يحكي القرآن الحكيم القصة السابقة في هذه السورة وهي قصة موسى عليهالسلام وفرعون (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا) أي مع الأدلة الدالة على كونه من طرفنا ، وهي الثعبان واليد البيضاء وغيرهما (وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) أي حجة واضحة عقلية على أن للكون إلها ، وأن فرعون ليس بإله للناس.