فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (١٠٦) خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (١٠٧)
____________________________________
وعمله الصالح.
[١٠٧] (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا) وهم الذين تركوا الفطرة الأصلية بسبب ووساوس الشياطين والنفس الأمارة (فَفِي النَّارِ) تلك محلّهم ومسكنهم (لَهُمْ فِيها) أي في النار (زَفِيرٌ) هو إخراج النفس (وَشَهِيقٌ) وهو إدخال النفس. قالوا : «الزفير» أول نهيق الحمار ، و «الشهيق» آخر نهيقه ، وهما من أصوات المكروبين المحزونين ، و «الزفير» من شديد الأنين وقبحه ، بمنزلة إبقاء صوت الحمار ، و «الشهيق» الأنين الشديد المرتفع جدا بمنزلة آخر صوت الحمار.
[١٠٨] (خالِدِينَ فِيها) أي دائمين أبدا في النار (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) أي ما بقيت جهة العلو وجهة السفل ، فإن اللفظين يطلقان على الجهتين (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) فإن بعض أهل النار يخرجون منها بإدراكهم الشفاعة أو استيفاء عقابهم لأنهم كانوا أهل معاصي ، أو كانوا كفارا عصاة ، لكن لم تتم الحجة عليهم بما يوجب الخلود ، وإنما كانت الحجة عليهم بقدر دخولهم النار كما لو خالفوا بعض الأوامر الثابتة عندهم أنها من قبله سبحانه ، بقتل نفس محترمة ، أو سلب مال أو ما أشبه. ولا يلازم خروجهم من النار دخولهم في الجنة ، إذ هناك أماكن أخرى معدة للناس كالأعراف. فلا يقال : كيف يدخل الكافر الجنة؟
(إِنَّ رَبَّكَ) يا رسول الله (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) لا يمنعه عن إرادته مانع ولا يقف دون مشيئته شيء. ولعلّ الإتيان بصيغة المبالغة «فعّال»