وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨) فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ ما يَعْبُدُونَ إِلاَّ
____________________________________
باعتبار العموم في ما يريد ، أي يفعل كل ما يريده ، فإذا أراد خلود الكفار خلدوا ، وإذا أراد نجاة بعض العاصين نجوا.
[١٠٩] (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا) بالطاعة والعمل الصالح (فَفِي الْجَنَّةِ) لهم مستقر ومأوى (خالِدِينَ فِيها) أبد الآبدين لا يزولون عنها ولا تزول عنهم (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) أي ما بقيت جهتا العلو والسفل ، فإن العرب تقول لما أطلها : «سماء» ، ولما أقلها : «أرض» (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) هذا الاستثناء لإفادة أن الأمر لم يخرج عن إرادة الله سبحانه ، فليس الخلود جبرا عليهم فإذا شاء إخراجهم من الجنة أمكنه ذلك وإن لم يفعل ، أو الاستثناء باعتبار الأول يعني أن السعيد في الجنة إلا المقدار الذي هو في المحشر أو في النار ـ ابتداء ـ لما صدر منه من بعض الأعمال السيئة ، فليس في ذلك الوقت في الجنة لأن الله لم يشأ كونه فيها ، وإذ كان الكلام موهما لانقطاع الخلود جاء التأكد لذلك بقوله سبحانه : (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) أي غير مقطوع ، و «عطاء» منصوب بما فهم من الجملة ، أي أعطاهم الجنة عطاء دائما.
[١١٠] إن الأقوام الذين كذبوا الرسل حق عليهم العقاب في الدنيا وحق عليهم العقاب في الآخرة ، كما استعرض كل من العقابين في قصصهم السابقة ، وإذ قد علمت يا رسول الله ذلك (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ) أي في شك ، فإن «المرية» بمعنى الشك (مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ) الكفار ، من الأصنام المنحوتة ، فإن مصير الجميع إلى النار والهلاك (ما يَعْبُدُونَ إِلَّا