كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (١٠٩) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (١١٠)
____________________________________
كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ) فليس لهم حجة في عبادتهم إلا التقليد للآباء عن جهالة وضلالة ، فليست لهم حاجة في عبادتهم لدليل أو منطق. ومن المعلوم أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن يشك في أمرهم ، وإنما جرى الكلام من باب «إياك أعني واسمعي يا جارة» (وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ) أي معطوهم جزاء أعمالهم وعقاب أفعالهم وافيا (غَيْرَ مَنْقُوصٍ) لا ينقص من عقابهم شيء.
[١١١] (وَ) شأن هؤلاء شأن من سبقهم من الأمم فلقد (آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) أعطيناه التوراة (فَاخْتُلِفَ فِيهِ) أي في موسى ، هل هو نبي أم لا؟ أو اختلف في الكتاب ، هل هو من عند الله أم لا؟ وعلى كل حال ، فقد اختلفوا في الحق كما اختلف قومك يا رسول الله (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) حسب ما قدّر من المصالح ، بأن يكون لكل أمة أجل لا يتقدم ولا يتأخر (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) لحكم سبحانه بين المؤمنين والكافرين بنجاة المؤمنين وإعطائهم الأجر ، وهلاك الكفار وخزيهم ، لكنه سبحانه حكم وقضى أن تكون الدنيا دار مهلة واختبار ، ولذا يترك كلّا وشأنه يعمل ما يشاء (وَإِنَّهُمْ) أي الكافرين (لَفِي شَكٍ) فإنهم ما كانوا يتيقنون بكذب دعوى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، (مِنْهُ) أي من وعد الله ، أو من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو من الكتاب (مُرِيبٍ) موجب للريب ، فان الإنسان قد لا يعتني فلا يكون الشك موجبا للريب وقد يعتني به حتى يوقعه في الريب حقيقة.