امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٠) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ
____________________________________
شاع في البلد ، ولو لم تذكر لاحتمل أن ذلك قول نسوة القصر ، فقد قلن تلك النسوة على وجه التعجّب والاستغراب : (امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ) أي تدعو مملوكها إلى نفسه ، فتريد أن تسلب نفس المملوك ، ليفجر بها (قَدْ شَغَفَها حُبًّا) دخل حب الفتى في شغاف قلبها ، فإن «الشغاف» هو حجاب القلب ، يقال : «شغف زيد عمرو حبا» أي خرق حب زيد شغاف قلب عمرو ، وفاعل شغفها الضمير الراجع إلى يوسف عليهالسلام (إِنَّا لَنَراها) نرى امرأة العزيز (فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) انحراف عن نهج الصواب واضح ، إذ كيف تتعلق المرأة ذات البعل بعبدها.
[٣٢] (فَلَمَّا سَمِعَتْ) زليخا (بِمَكْرِهِنَ) أي تعيير تلك النسوة لها بحب يوسف. وإنما سمي «مكرا» لأن قصدهن من هذا القول كان أن يرين يوسف لما وصف لهن منه حسنه ـ كذا في «المجمع» ـ. وقيل : لأنهن أخفين التعيير كما يخفي الماكر مكره (أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَ) تطلبهن للضيافة عندها (وَأَعْتَدَتْ) هيأت (لَهُنَّ مُتَّكَأً) هو ما يتكأ عليه لطعام أو شراب أو حديث ، أي هيأت لهن مأدبة وقد كان العادة أن يأكلوا الطعام وهم متكئون على الوسائد ـ كما هو عادة أهل الترف ـ (وَآتَتْ) أعطت زليخا (كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً) لقطع اللحم ، أو تقشير الفاكهة كما هي العادة الجارية إلى هذا الزمان (وَقالَتِ) زليخا ليوسف حين اشتغلن بالتقشير أو التقطيع : (اخْرُجْ) يا يوسف